كيف أنشأت KPMG روبوت الضرائب ببرومبت من 100 صفحة: الثورة الحقيقية للذكاء الاصطناعي في الاستشارات الضريبية

في عالم تتحرك فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي بوتيرة مذهلة، ظهرت قصة استثنائية من شركة KPMG – إحدى كبريات شركات المحاسبة والاستشارات عالميًا – عبر ابتكارها ما يصح أن نسميه “أطول برومبت” في تاريخ الذكاء الاصطناعي: 100 صفحة كاملة لتوجيه روبوت ذكاء اصطناعي متخصص في الاستشارات الضريبية المتقدمة. هذه الخطوة لم تحقق فقط تقدمًا تقنيًا، بل أعادت تعريف الطريقة التي تتعامل بها الشركات مع البيانات المعقدة والخدمات الاستشارية.

لكن هل تعلم ماذا يعني أن تكتب برومبت بهذا الطول والتفصيل؟ كيف فكروا في الأمن، ولماذا لم يكتفوا باستعمال أدوات الذكاء الاصطناعي التقليدية المتوفرة للجميع؟ ولماذا يعتبر هذا التوجه بداية حقبة جديدة للمحاسبة والاستشارات في العالم العربي؟

في هذا المقال، سنكشف تفاصيل هذه الثورة، كيف نشأت، أين يمكن أن تذهب في المستقبل، ولماذا قد تكون ذات تأثير واسع في الشرق الأوسط. إن كنت مهتمًا بالمحاسبة، أو تعمل في مجال الضرائب، أو لديك شغف بالتقنية، فتابع القراءة لنمنحك كل الإجابات.

جدول المحتويات

ما هو روبوت الضرائب القائم على الذكاء الاصطناعي (TaxBot)؟

روبوت الضرائب (TaxBot) هو نظام ذكاء اصطناعي متقدم صممته KPMG ليعمل كـ “وكيل ذكي” قادر على تحليل كم هائل من اللوائح، التشريعات، البيانات المحاسبية، والوثائق الخاصة بالعملاء. الهدف: إعداد استشارات وتقارير ضريبية شاملة في غضون يوم واحد فقط – بدل أسبوعين أو أكثر عبر الوسائل التقليدية.

وبخلاف روبوتات الدردشة أو المساعدين الافتراضيين العاديين، صمم هذا الروبوت ليعمل بشكل وكيل مستقل “agentic”، أي يستطيع اتخاذ قرارات، تحديد الأولويات، والانتقال بين خطوات معقدة دون إشراف بشري مباشر خطوة بخطوة.

لماذا احتاجت KPMG إلى برومبت من 100 صفحة؟

قد تبدو فكرة كتابة برومبت بهذا الطول شيئًا جنونيًّا، لكنه في الواقع يعكس وعيًا عميقًا بتحديات قطاع الضرائب. التشريعات الضريبية متعددة، متشابكة، وتختلف بين الصناعات والبلدان وحتى مناطق نفس الدولة. لذلك احتاجت KPMG إلى توفير تعليمات مفصّلة للذكاء الاصطناعي، تشمل:

  • قواعد وإرشادات تحليل مستندات العملاء.
  • آليات التقاطع وفحص التعارض بين النصوص.
  • الإلمام بالتشريعات الضريبية المحلية والدولية.
  • طرق صياغة تقارير مفصّلة تراعي الدقة والشمولية.
  • سياسات الأمان وحماية البيانات المالية الحساسة.

هدف البرومبت الضخم هو تقليص الاعتماد على “الجمل الفضفاضة” ومنع الذكاء الاصطناعي من اختراع معلومات أو تقديم استنتاجات خاطئة. البرومبت هنا هو بمثابة كُرّاسة إرشادية شبه تشريحية للذكاء الاصطناعي!

كيف بنت KPMG منظومة AI خاصة بها؟

تجربة KPMG مع الذكاء الاصطناعي بدأت بفشل ذريع، حين اكتشفوا تسريب بيانات مالية حساسة على خوادم غير محمية، فأوقفوا كل التجارب على الفور. بعدها تحولت الشركة إلى نهج منصات الذكاء الاصطناعي الخاصة فأنشأت بيئة “مغلقة وآمنة” تحت اسم KPMG Workbench. في هذه البيئة:

  • تعاقدت مع شركات مثل OpenAI وMicrosoft لضمان الخصوصية ودعم متعدد للنماذج.
  • دمجت عدة نماذج لغوية “LLMs” من عدة مورّدين (مايكروسوفت، جوجل، أنثروبيك، ميتا…)
  • استثمرت بقوة في تدريب موظفيها على صياغة البرومبتس والتعامل مع الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال.

هذه المرونة منحت KPMG القدرة على تنفيذ سيناريوهات متقدمة، مع ضمان الحماية التامة لبيانات العملاء.

حين تفشل تقنيات البحث… الحل في برومبت ضخم!

أحد الأساليب الشائعة مع الذكاء الاصطناعي المتقدم هو استخدام ما يعرف بـ استرجاع المعرفة المدعم “Retrieval-Augmented Generation – RAG”. لكن مع تعقيد النصوص التشريعية وتعدد قواعد البيانات، أصبحت النتائج غير دقيقة أو غير كافية، فاضطرت KPMG إلى اللجوء لطريقة “إعطاء كل التعليمات والنماذج والقواعد في نص برومبت واحد ضخم!”.

بمعنى آخر: إذا فشل البحث المتقدم في سد الفجوات، فقدّم للذكاء الاصطناعي كل قواعد اللعب منذ البداية، وستحصل على نتائج أكثر دقة وثباتاً.

مزايا روبوت الضرائب: السرعة والدقة ومستقبل الوظائف

تقول KPMG إنها اختزلت زمن إعداد التقارير الضريبية من أسبوعين إلى يوم واحد فقط لأول مسودة شاملة. هذا لا يعني الاستغناء التام عن المحاسبين أو المستشارين ذوي الخبرة، لكنه:

  • ألغى المهام الروتينية المزعجة وحرر الموظفين للتركيز على حل مشاكل العملاء المعقدة.
  • رفع رضا الموظفين وجرّ أرباحًا إضافية للشركة (باعت برامجها للعملاء الآخرين).
  • ضمان التفحص البشري النهائي للنتائج الحيوية قبل الاعتماد الرسمي.

من الجدير ذكره: الروبوت يُنتج مسودة أولى، لكنها تحتاج دائمًا إلى مراجعة دقيقة من خبراء في الضرائب. فالذكاء الاصطناعي لا يزال يعاني من نقاط ضعف في التعامل مع الأرقام وبعض التفاصيل الدقيقة.

هواجس حول الأمن والدقة: هل الذكاء الاصطناعي فعلاً جاهز لهذه المهمة؟

هناك من يشكك في قدرة أي نموذج لغوي – مهما بلغ حجمه وتعقيده – على فهم وتركيب تفاصيل التشريعات الضريبية دون أخطاء. الأسئلة الشائعة تشمل:

  • كيف نتحقق من صحة المسودة وهل هي خالية من الثغرات القانونية؟
  • ماذا عن حماية البيانات الحساسة للعملاء؟
  • كيف نحمي الشركة من الاعتماد الكامل على روبوت قد يرتكب أخطاء قد تكون مكلفة أو قانونية؟

KPMG ردت بأن مراجعة الخبراء شرط أساسي قبل تقديم أي تقرير نهائي للعملاء. كما أن المنظومة تعمل في بيئة مغلقة، بلا اتصال مباشر بالإنترنت أو الأنظمة العامة، ما يقلل من خطر الاختراق أو التسرب.

التأثير المحتمل على عالم الضرائب العربي

مع ازدياد التعقيد التشريعي والضريبي في معظم بلدان الشرق الأوسط، وحاجة الشركات لسرعة ودقة الاستشارات، يبرز هذا النموذج كحل مثالي للمنطقة العربية مستقبلاً. الربوتات الذكية القادرة على فهم التشريعات الوطنية، والعمل بلغات متعددة، ستجعل من الممكن إعداد التقارير الضريبية المعقدة بسرعة قياسية وبأخطاء أقل.

  • مثال: الشركات الناشئة أو المؤسسات المتعددة الجنسيات ستوفر تكاليف باهظة وتتفادى المخالفات.
  • المحاسبون سيصبحون “قادة نظام” بدلاً من منفذي أعمال روتينية.

التحدي الأكبر سيكون تكييف هذه الأنظمة مع السياق المحلي والتشريعي العربي وضمان مواءمة الذكاء الاصطناعي مع نمط وأسلوب المنطقة.

مستقبل الذكاء الاصطناعي المتخصص والاستشارات الرقمية

التوجه العام للذكاء الاصطناعي لم يعد الاعتماد فقط على قاعدة معرفة ضخمة، بل تعليمه قواعد وتخصصات دقيقة. مستقبلاً ستنتج الشركات “برومبتات” أدق بكثير، وربما تدرب نماذجها الخاصة كليًا. توقع أن نشاهد في القطاع الصحي، القانوني، الهندسي، وحتى التعليم، روبوتات متخصصة تستوعب تفاصيل كل نظام ولوائحه، وتنتج حلولاً تلائم كل قطاع.

ولن يستغرب أحد إذا رأينا في القريب روبوتات ضرائب عربية قادرة على فهم لوائح الزكاة والضرائب في كل دولة من المحيط إلى الخليج!

الأسئلة الأكثر شيوعاً حول روبوت الضرائب من KPMG

  • هل يمكن الثقة بنتائج الذكاء الاصطناعي في الاستشارات الضريبية؟

    نعم، لكن يجب مراجعتها وتدقيقها من خبراء قبل الاعتماد النهائي، لأن الأخطاء واردة في التفاصيل الدقيقة.

  • هل ستحل الروبوتات مكان الإنسان تمامًا في قطاع الضرائب؟

    لا، ستظل بحاجة للمراجعة البشرية والخبرة التحليلية، بينما تريح البشر من الأعمال الروتينية.

  • ما هو أكبر خطر من استخدام الذكاء الاصطناعي في الاستشارات الضريبية؟

    اختراق أو تسريب البيانات، أو صدور تقارير فيها أخطاء بالتحليل أو القانون، خاصة إذا لم تُراجع بشرياً.

  • هل يمكن تطبيق هذا النموذج في الشرق الأوسط؟

    بالطبع، مع مواءمة الذكاء الاصطناعي مع التشريعات المحلية وتدريب النموذج عليها.

الخلاصة: ما الذي يمكن للعالم العربي تعلمه من هذه التجربة؟

قصة برومبت KPMG ذات الـ 100 صفحة لا تروي فقط مغامرة فنية أو إنجازاً برمجياً، بل تقدم روشتة لثورة حقيقية في قطاعات الأعمال بالوطن العربي. بداية المستقبل ستكون بابتكار حلول موجهة، ترسم حدودها بوضوح للذكاء الاصطناعي، وتمنح البشر القدرة على التركيز في المشاكل الأعلى قيمة.

إن كنت تعمل في المالية أو القانون أو الخدمات الاستشارية، تذكّر: أسرع طريق للتميز في العقد القادم يبدأ بتعلّم كيف تعبّر عن تفاصيل عملك بدقة ووضوح لمساعدك الذكي!